#1
|
|||
|
|||
رسالة إلى من تجاوز سن الستين
أكتب إليك وكلي أمل أن تكون بصحة وعافية، وأن تكون كل أمانيك متحققة، وكل مساعيك محمودة وهذه كلمات موجزة، وإشارات هادفة، سطرتها لك، وأنت تقف على عتبات السبعين، أسأل الله أن يطيل عمرك في طاعته، ويحسن لي ولك الختام. أخي في الله: العمر نافذة إلى تلك الحياة التي يحياها الجميع؛ المؤمن والكافر.. فأما المؤمن؛ سخّر وقته وهمّه لطاعة الله تعالى وعبادته، وأما الكافر؛ فلم يرضَ بذلك فقطع أيام عمره كالبهائم، {أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ} نسأل الله العفو والعافية. فهنيئاً لمن استغل أيامه ولياليه فيما يقربه من ربه، ويبعده عن النار، فالأيام مطايا إما إلى الجنة وإما إلى النار عياذاً بالله. أخي الغالي: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك)) ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً: ((يكبر ابن آدم، ويكبر معه اثنان: حب المال، وطول العمر)) ولذا اعلم أخي أنك في مرحلةٍ عصيبة من مراحل عمرك، تحتاج فيها أن تعدّ العدة للقاء الله تعالى، وتسعى لنيل زادٍ من الأعمال الصالحة التي تنفعك عند الله بعد فراقك هذه الدنيا، قال الحسن البصري: (ابن آدم ! إنما أنت بعض أيام، إذا قضى منك يوم؛ مضى بعضك!). فكم من أعمار ضاعت.. وضاع أصحابها !وكم من أعمار.. انقضت قبل أن تنقضي آمال أصحابها! قال قتادة رحمه الله: (اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذوا بالله أن نعيَّر بطول العمر، قال تعالى: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ } وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من بلغ ستين سنة فقد أعذره الله فقال: ((أعذر الله إلى امرئ أخّر أجله حتى بلغه ستين سنة)). الشيخ الوقور: إن طول العمر لمن حسن عمله غنيمة وأيّ غنيمة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخيركم؟ قالوا: نعم. قال: خياركم أطولكم أعماراً، وأحسنكم أعمالاً)) فكم هو جميل أن يكون من بلغ سنّ الستين صاحب عبادة وتقوى، وإنابة وخشية، وكم هو مؤسف أن نرى بعض من أخّر الله عمره إلى ما بعد الستين أو السبعين ونراه وهو بعيد عن الله غافل عن طاعة مولاه قد انغمس في الملهيات والملذات وانشغل بالتوافه والكماليات، وكأنه ضَمِن الخلود في هذه الدنيا، جعلك الله من أوليائه المتقين وعباده الصالحين الذين يعتبرون بمرور الأيام والليالي ويدّكرون بتعاقب الليل والنهار. أخي في الله: وصيتي لك أن لا تدع دقيقة واحدة وأنت تستطيع أن تكون فيها لله عابداً إلا فعلت، ولتكثر من النوافل بعد أداء الفرائض، وأكثر من ذكر الله وتلاوة القرآن والاستغفار، واعمر أوقاتك بالطاعات مهما استطعت، وإن قدّر الله عليك وابتُليت ببعض الأمراض فاصبر واحتسب فإنها كفارات للذنوب ممحيات للخطايا وتذكر دائماً سعة رحمة الله وعفوه ومغفرته وليكن ذلك دافعاً لك للمزيد من الطاعات والأعمال الصالحات، وفقك الله وبارك فيك وأحسن إليك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . |
|
|