#1
|
|||
|
|||
إياك أن تجمع حسناتك في أكياس مثقوبة...
عن أبي هريرة رضي الله عنه: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ ، فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )) مسلم حديث عظيم يخلع القلوب فكما قال الإمام النووي رحمه الله "وأما من ليس له مال ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلسا! وليس هو حقيقة المفلس، لأن هذا أمر يزول وينقطع بموته،وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته،وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المُقطِع،فتؤخذ حسناته لغرمائه،فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه"الشرح على صحيح مسلم(16/136) كلنا ذلك العبد الذي يجتهد ويستغل مواسم الخيرات بصلاة النوافل من رواتب ونوافل مطلقة وصيام لتطوع فيسارع لصيام عرفة وعاشوراء وأيام البيض من كل شهر ويتصقد بماله على الفقراء وفي شتى أوجه الخير ويعين الأرملة والمسكين ويتبسم في وجه أخيه ويميط الأدى عن الطريق ويفعل من الخير ما وفقه الله إليه وكل هذا محمود ومطلوب من المسلم لكي يحصل على ما عند الله من ثواب وجزاء لا يعمله إلا الله . لكن الخيبة والندامة هي أن هذه الأكياس من كل أعمال البر والخير مثقوبة بسبب السب والشتم والقدف والضرب والخوض في أعراض الناس فالحديث واضح جدا ...وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا هذا مثال تقريبي هل هذه السمكة ستبقى حية وكيس الماء مثقوب ؟؟؟ قطعا لا فالماء سيتسرب وتموت السمكة كذلك نحن.... فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ . نسأل الله السلامة والعافية وكل هذا سببه إذا لا تجمع حسناتك في كيس مثقوب وتطلق العنان لنفسك بضرب هذا وقذف هذا وسب هذا وسفك دم هذا فأنت أحوج لحسناتك لا تهديها للأخرين بهذه الأفعال . أهدى الحسن البصري رحمه الله رجلا طبقا من تمر لأنه علم أنه اغتابه فقال له (أحببت أن أهديك تمرا لأنك أهديتني حسناتك وإن زدت زدنا) همسة :ماذا بعد رمضان .... ماذا بعد رمضان هل سنستمر على العهد مع المسجد وصلاة الجماعة ,أم سنهجر الجُمع والجماعة وكما يقول المثل عادت حليمة لعادتها القديمة وينقلب الحال إلى ما كان عليه قبل رمضان. من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد وشك على الرحيل أما من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ورب رمضان هو رب شوال ورب كل الشهور .ومن علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها يقول الحق سبحانه: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) (النحل: 92) يعني لا تفعلوا مثل هذه المرأة، فالإنسان الذي صام طيلة الشهر ومنع نفسه من المباحات، وأتعب نفسه غاية التعب، وقام الليل، وقرأ القرآن، وفعل الخيرات، وتصدق، وحفظ العين واللسان، ثم يخرج من رمضان فيفسد كل ما كان يعمله، وينهمك في المحرمات وترك الطاعات، هو أشبه شيء بهذه التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا. يجب أن يكون لنا وقفةٌ في آخر الشهر الكريم نعاهد الله فيها أن نستمر على ما كنا عليه في رمضان من صلاة وتصدق وأعمال الخير والله الموفق للصواب نسأل الله أن يجعلنا من المداومين على الطاعة ونعوذ بالله من الإفلاس وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
|
|