#1
|
|||
|
|||
« نَصِيحَةُ اﻷُمَّة في جَوَابِ عَشْرَةِ أَسْئِلَةٍ مُهِمَّةٍ »
« نَصِيحَةُ اﻷُمَّة في جَوَابِ عَشْرَةِ أَسْئِلَةٍ مُهِمَّةٍ » ▪️للْإِمَام العَلَّامة الشَّيْخ / عَبد العَزِيز بن باز - رَحِمَهُ اللهُ تعالى - العَدَد : [ ١ ] ــــــ ﷽ ــــــ السؤال اﻷول : سماحة الشيخ : هناك من يَرَى أن اقتراف بعض الحُكَّام ، للمعاصي والكبائر ، موجب للخروج عليهم ، ومحاولة التغيير ، وإِن ترتب عليه ضَرَرٌ للمسلمين في البلد ، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإِسلامي كثيرة ، فما رأي سماحتكم ؟ . الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه ، أمَّا بعد : فقد قال الله عز وجل :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا ﴾ . فهذه الآية نَصٌّ في وجوب طاعة أولي الأمر ، وهم : الأمراء والعلماء . وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله ﷺ ، تُبَيِّن أنَّ هذه الطاعة لازمة ، وهي فريضة في المعروف . والنُّصُوصُ من السنة تبين المعنى ، وتُقَيِّد إِطلاق الآية بأن المراد : طاعتهم في المعروف ، ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي ، فإِذا أُمِرُوا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية ، لكن لا يَجُوز الخروج عليهم بأسبابها ، لقوله ﷺ :« أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَة » ولقوله ﷺ :« مَنْ خَرَجَ مِن الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجماعةَ فماتَ ، ماتَ مِيتةً جَاهلية، » وقال ﷺ :« عَلَى الْمَرْءِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ ، إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ » . وسأله الصحابة رضي الله عنهم - لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرنا ؟ قال :« أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُم ، وسلوا اللَّهَ حَقَّكُمْ » ، قال عُبَادَةُ بنُ الصَّامت رضي الله عنه بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا ، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ ) قَالَ :« إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا ، عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ » . فهذا يَدُلُّ على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ، ولا الخروج عليهم ، إِلا أن يَرَوا كفرًا بُواحًا ، عندهم من الله فيه بُرْهَان ، وما ذاك إِلا لأن الخروج على ولاة الأمور ، يُسَبِّب فَسَادًا كبيرًا ، وشَرًّا عظيمًا ، فَيَخْتَلّ به الأَمْن ، وتَضِيع الحُقُوق ، ولا يتيسر رَدْعَ الظالم ، ولا نَصْر المظلوم ، وتَخْتَلّ السُّبُل ولا تأمن ، فَيَتَرَتَّب على الخروج على ولاة الأمور ، فساد عظيم ، وشر كثير ، إِلا إِذا رأى المسلمون كفرًا بواحًا عندهم من الله فيه برهان ، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإِزالته إِذا كان عندهم قُدْرَة ، أما إِذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا ، أو كان الخروج يُسَبِّبُ شرًّا أكثر فليس لهم الخروج ، رعاية للمصالح العامة . والقاعدة الشرعية المجمع عليها : ( أنه لا يجوز إِزالة الشر بما هو أشر منه ، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ) . أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإِجماع المسلمين ، فإِذا كانت هذه الطائفة التي تريد إِزالة هذا السلطان الذي فعل كفرًا بواحًا ، عندها قدرة تزيله بها ، وتضع إِمامًا صالحًا طَيِّبًا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين ، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس . أما إِذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير ، واختلال الأمن ، وظلم الناس ، واغتيال من لا يستحق الاغتيال ... إِلى غير هذا من الفساد العظيم ، فهذا لا يجوز ، بل يجب الصبر ، والسمع والطاعة في المعروف ، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير ، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير . هذا هو الطريق السَوِيّ الذي يجب أن يُسْلَك ، لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة ، ولأن في ذلك تقليل الشر ، وتكثير الخير ، ولأن في ذلك حفظ الأمن ، وسلامة المسلمين من شر أكثر . نسأل الله للجميع التوفيق والهداية . [ المصدر : مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثامن : ص : ٢٠٢ - ٢٠٤ ] ـــ ❉❉ ـ ❉❉ ـ ❉❉ ـــ |
|
|