#1
|
|||
|
|||
حكم تحية المسجد
جاء الإسلام بتعاليم الإعتدال والوسطيّة في كل أمر كان، فكان مما دفعه في النّاس التحريض على احترام الأماكن والبشر وإضفاء اللّمسة الجمالية على كل مكان، وكان من الأمكنة التي يتفاخر المسلمون بها حيث كانت مكان اجتماع الناس ومدارسهم العلمية وقببهم الحربيّة، فكان من تعاليم النّبي التي نفذها بنفسه تحية المسجد وهي الصلاة بركعتين عند دخول المسجد. إنّ حكمها مما لا يتعارض في ديننا أنّها ليس من الفروض المكتوبة بل هي من السنن التي تكاد تقترب بها الحاجة إلى الوجوب؛ وذلك لأنّ هدف ركعتي تحيّة المسجد ليس الصلاة بحد ذاتها ولكن هو التأكيد للجميع بأن دخول المسجد لا يكون إلا بطهور جسدي ليلائم صلاة التحية، ثم طهور روحي بصلاة تلك الركعتين فلا يدخل الرجل ذلك المكان المقدس الذي فيه اجتماع النّاس إلا بجسد طاهر جميل، وروح خاشعة متواضعة طائعة. في النظر الطويل لتسلسل أحداث التاريخ الإسلامي مع قرآننا لم يكن المسجد إلا المكان الأبرز في الدخول إلى أي مجال أو فن، ولم يكن فقط لتداول الأديان بل كان مكانًا مجانيًا للجميع ليطرحوا كل أفكارهم وفنونهم ويجتمعون به فهو بيت الله في الأرض الذي حرم على جميع البشر أن يهدم أو أن يغتصب أو أن يدنس، ولهذا كان ولا زال من أبرز القيم والمعالم الدينية في الإسلام حيث يرمز لكل شيء فيها تقريبًا، ومجادلة النّاس بأنّ تحيّة المسجد لا بأس إن لم نؤدها فهذا بعض من الامتهان لقيمة المسجد وفاعليّته؛ لأن هذا الفعل يدل على التّوازي بين حالتك الخارجية وحالتك داخل هذا المكان المخصّص لكل ما هو جميل ورفيع. تحيّة المسجد من الأمور التي بالغ النبي في التحريض عليها ففيما يروى عنه أن رجل دخل المسجد في خطبة الجمعة فجلس دون التّحية فأمره النّبي بالتّحية، ومما هو معلوم فصلاة الجمعة فرض والسّنة لا تقدّم على الفرض إلا إن كانت مما اقترب من الواجب، وحق الله على النّاس تطهير النّفوس للقائه فلا يقترب مشتاق من حبيب بريح تسوء أو قلب مريض، فهكذا بين البشر، فكيف بينهم وبين من خلقهم والبشر جميعًا. أما عن ركعتي تحية المسجد فهما ركعتان تشبهان تماما ركعتا الفجر إلا أنهما فردية ولا تصح بالجماعة، تبدأ بتكبيرة الإحرام وتنتهي بالتشهد والصلاة الإبراهيمية، وتسن عند أول دخول المسجد فليس من المستحب الجلوس قبلها ثم أدائها فقضائها حق المسجد والله، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه فرط فيها أي مرة. أمّا إذا أتى الرّجل المسجد وصلاة الفريضة قائمة فلا تحية للمسجد وذلك أنّ الهدف من التّحية التّطهير النّفسي أثناء الجلوس وبإنتهاء الجلوس للصلاة بالصلاة وقت الدّخول كان الأولى التّطهير بالفريضة ثم الجلوس فلا تحية بعد الفريضة لمن أدى الفريضة. المصدر:-الألوكة |
|
|