#1
|
|||
|
|||
هكذا تركناك خلف ظهورنا!!
لم تنمحني الحياة فرصة؛ كي ألتفت إلى تلك المعاناة التي تعتصر قلباً مكلوماً!! يطوي سهاده طي وسادته كل ليلة، ممزوجاً بدموع الأسى والحرمان!! يخفق بأنَّات مكبوتة . . يتمنى أن يجد من يسمع زفراتها!! لعله يمسح عنه ألم المعاناة!! إنه قلب فتاة طاهرة . . تنطلق من قسماتها نسائم الفجر . . تستشعر في عينيها الكثير والكثير من الكلمات!! بل الكثير والكثير من الآلام والآمال التي انحصرت كلها بين طيَّات وسادتها!! فهي تخاطبها كل ليلة!! نعم , , بل . . وتناشدها مزيداً من الأحلام والآمال . . لعلها تخفف عنها ألم الحرمان!! يخفق قلبها بين الحين والآخر . . رباه . . هل لتلك الآلام من آجال؟! فتمسح على قلبها يد من الرحمات حانية!! تبعث بأشواقها إلى أعراس الجنة . . حيث الولدان المخلدون . . بوجوه كاللؤلؤ المنثور!! يحملون لها بين أيديهم صحائف من ذهب وأكواب!! فتهبُّ على قلبها المكلوم رياح البهجة والسرور؛ فتبدل دموع حزنها بدموع فرح وحبور!! تطوي ضحكاتها مجدداً بين طيَّات وسادتها . . وكأنها تسألها كتمان سر تلك الضحكات!! وهكذا تمضي بها الأيام . . تطوي بوحدتها ليلة وارء ليلة!! واحدة بالآمال وأخرى بالآلام!! تتذكر بين الحين والآخر حلم طفولتها . . ذلك الذي استلبته منها يدٌ غاشمة عابثة!! وهي في الشهر الخامس من ولادتها!! حينما امتدت إليها لتطعيمها؛ فأصابتها بشلل تامٍ في قدمها اليمنى!! فمضت بها سنون العمر . . تكبر فيها . . وتكبر معها إعاقتها!! حتى تضاعفت في ظهرها الآلام . . فقرروا إجراء عملية لتخفيفها . . فنجحت في تخفيف آلام ظهرها . . ولكنها أصابتها بشلل تام في كلتا قدميها!! توافد الناس على بنت العشرين عاماً؛ ليواسونها في مُصابها!! فوجدوا وجهاً مضيئاً . . يشع بنور الإيمان . . وقلباً طاهراً . . مُفعماً بالرضا بقضاء الله وقدره . . فواستهم هي بكلماتها النورانية، لتخفف عنهم وطأة جزعهم . . وشفقتهم عليها!! صارت بصبرها مضرب الأمثال . . بل صارت قمةً تتصاغرُ القمم إذا قورنت بهامتها!! تجرفها عاطفة الأمومة حيناً . . فتتمنى وليداً يتقلب بين أحضانها . . وتحمله بيديها!! فتبعث بآمالها بعيداً . . لعلَّها تجد زوجاً حنوناً يستوعب ألم الرغبة مع الحرمان!! لكن سرعان ما تطوي خجلها بين جنبيها . . خوفاً من أن تكشف النظرات سرَّ رغبتها!! فتنظر إلى السماء راجية في رحمة الله . . لعله يحقيق لها أمنيتها!! تختبئ أمها؛ لترقبها من بعيد، وعينها تذرف من الدمع ما لو رأته لزاد من حسرتها!! رباه . . هذه فتاتي التي أرجو من الله أن يسوق لها يوماً . . من يمنح لها ولو جزءً يسيراً من سعادتها!! هذه قصة حقيقة وقفت عليها بنفسي، وأملي أن يعجل الله بتفريج كربتها، ولكن هلَّا التفتنا لمعانة أمثالها من المعاقين والمعاقات . . الذين تركناهم بالفعل خلف ظهورنا، واستمتعنا بما أنعم الله علينا من جميع الحواس!! فلعل الله أن يرسم بأيدينا البسمة على شفاههم من جديد؟! فهل من مجيب؟! |
|
|