#1
|
|||
|
|||
كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ
بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أقول وبالله التوفيق أن تولى المسئولية ليس شيئا هينا , ومن ابتلاه الله بتولى مسئولية أو ولاية , فعليه أن يراعي الله تبارك وتعالى في المسئول عنهم , لأن الله تبارك وتعالى سيحاسبه على كل صغيرة وكبيرة والمسئولية لا تقصر على رئاسة الدولة فقط بل الكل مسئول كما أخبر النبي الكريم (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) فكل هؤلاء المذكورين في الحديث رعاة وهم مسئولون عن رعاتهم والمسئولية والولاية أمانة وقد بين الرسول أن الولاية أمانة هى يوم القيامة خزي وندامة الا من راعى الله فيها فقد روى مسلم قال حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي شعيب بن الليث حدثني الليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب عنبكر بن عمرو عنالحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها يقول الامام النووى في شرح مسلم هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات ، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية ، وأما الخزي والندامة فهو حق من لم يكن أهلا لها ، أو كان أهلا ولم يعدل فيها فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه ، ويندم على ما فرط ، وأما من كان أهلا للولاية ، وعدل فيها ، فله فضل عظيم ، تظاهرت به الأحاديث الصحيحة كحديث : " سبعة يظلهم الله " ، والحديث المذكور هنا عقب هذا ( أن المقسطين على منابر من نور) وغير ذلك ، وإجماع المسلمين منعقد عليه ، ومع هذا فلكثرة الخطر فيها حذره صلى الله عليه وسلم منها ، وكذا حذر العلماء ، وامتنع منها خلائق من السلف ، وصبروا على الأذى حين امتنعوا . دعاء النبي على من ولي ولم يعدل فقد روى مسلم قال حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب حدثني حرملة عن عبد الرحمن بن شماسة قال أتيت عائشة أسألها عن شيء فقالت ممن أنت فقلت رجل من أهل مصر فقالت كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه فقال ما نقمنا منه شيئا إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير والعبد فيعطيه العبد ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة فقالت أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به وحدثني محمد بن حاتم حدثنا ابن مهدي حدثنا جرير بن حازم عن حرملة المصري عن عبد الرحمن بن شماسة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله قال الامام النووي قوله صلى الله عليه وسلم : اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس ، وأعظم الحث على الرفق بهم ، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى . يقول بن عثيمين وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من تولى أمور المسلمين الخاصة والعامة؛ حتى الإنسان يتولى أمر بيته، وحتى مدير المدرسة يتولى أمر المدرسة، وحتى المدرس يتولى أمر الفصل، وحتى الإمام يتولى أمر المسجد. ولهذا قال: (( من ولي من أمر أمتي شيئاً)) . (( وشيئاً)) نكرة في سياق الشرط، وقد ذكر علماء الأصول أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم؛ أي شيء يكون، (( فرفق بهم فارفق به)) ، ولكن ما معنى الرفق؟ قد يظن بعض الناس أن معنى الرفق أن تأتي للناس على ما يشتهون ويريدون، وليس الأمر كذلك؛ بل الرفق أن تسير بالناس حسن أمر الله ورسوله، ولكن تسلك أقرب الطرق وأرفق الطرق الناس، ولا تشق عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله، فإن شققت عليهم في شيء ليس عليه أمر الله ورسوله؛ فإنك تدخل في الطرف الثاني من الحديث؛ وهو الدعاء أن الله يشقق عليك والعياذ بالله. يشق عليه إما بآفات في بدنه، أو في قلبه، أو في صدره، أو في أهله، أو في غير ذلك؛ لأن الحديث مطلق (( فاشقق عليه)) بأي شيء يكون ، وربما لا تظهر للناس المشقة، وقد يكون في قلبه نار تلظى والناس لا يعلمون، لكن نحن نعلم أنه إذا شق على الأمة بما لم ينزل به الله سلطاناً؛ فإنه مستحق لهذه الدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا والله أعلم |
|
|