|
#1
|
|||
|
|||
تسوية الصفوف
تسوية الصفوف الحمد لله الكريم الرحمن، العظيم المنان، له الفضل وله النعمة وله الثناء الحسن على نعمه وآلائه، وما أسداه من فضله وجوده على عباده، وصلى الله على النبي العدنان، وعلى آله وأصحابه ذوي المكارم والعرفان، وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد: فإن من مقاصد ديننا الحنيف أن يعيش المسلمون في حياة يسودها النظام، والألفة، والالتزام، والبعد عن كل فرقة واختلاف واضطراب في جميع شؤون الحياة.. وكانت الصلاة من أعظم ما يدل على أن ديننا العظيم أمر بالدقة في كل شيء، ومن ذلك الإتيان بالصلوات في أوقات معلومة، يعبد المسلون بها رباً واحداً ويتبعون نبياً ماجداً، ويسلكون منهجاً راشداً، ووجهتهم في ذلك ربهم العظيم الذي عنت له الوجوه-سبحانه-.. وتعتبر الصلاة بما تلزم به المصلين من وحدة الصفوف أمراً ذا تأثير، جعل الكثير من المشركين والنصارى وغيرهم يعتنقون الإسلام؛ لمجرد رؤيتهم تلك الصفوف العجيبة في شكلها ومظهرها.. ويستغرب أولئك: كيف هذا.. والمسلمون نراهم في كثير من حياتهم وأعمالهم ومواعيدهم في فوضى وعدم انضباط؟! فإذا ما قاموا إلى صلاتهم تغيرت حياتهم تماماً وأصبحوا متفقين منتظمين متجهين إلى مكان واحد بصفوف منظمة ورائعة!! ما الذي جعلهم هكذا؟.فنقول: إنه الدين الذي وحد بينهم وجعلهم صفاً واحداً... ولمزيد من الكمال والتمام ومعالجة الأخطاء التي تحصل أثناء الاصطفاف للصلاة، فإننا نضع بين يدي إخواننا النصائح التالية: يجب على المسلمين أن يستشعروا عظمة الصلاة، وعظمة الاجتماع لها، وعظمة العظيم -سبحانه وتعالى- الذي قاموا لأجل عبادته وطاعته، وعلينا أن نلتزم بآداب الدين في الصفوف وتسويتها، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتسوية الصفوف وتعديلها، بأن تكون مستوية بلا عوج ولا انحراف فيها، فقال: (( سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة)) رواه البخاري ومسلم؛ وقد توعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- من يخالف ذلك ولا يتم صفه ولا يسويه فقد روى الإمام مسلم وغيره عن النعمان بن بشير قال: ( كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي الصف حتى يجعله مثل الرمح أو القدح، قال: فرأى صدر رجل ناتئاً، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (( سووا صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)). أخي الكريم: بعد أن سمعنا وقرأنا هذه الأحاديث الشريفة عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فكيف تكون تسوية الصفوف؟! إن تسوية الصفوف تكون كالآتي: 1. تسوية المحاذاة، وهذه واجبة، ومعنى المحاذاة أي الاستواء بالمناكب، وهو ما فوق الذراع في أعلى البدن، وبالأكعب في أسفل البدن، بحيث تكون متلاصقة لا فراغ بينها. 2. أن تكون الصفوف مستوية ليس فيها اعوجاج من أولها إلى آخرها، ولهذا يقول الصحابي النعمان بن بشير: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي الصف حتى يكون مثل الرمح أو القدح.. والرمح معروف باستوائه واعتداله. 3. ألا يتقدم ولا يتأخر على من بجانبه بل يجعل الكعب بالكعب، وهذا يقال له: التراص في الصفوف ولهذا يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (( تراصوا ولا تدعوا فرجات للشيطان)) رواه أبو داود وإسناده صحيح. وعن عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله )) رواه أبو داود وصححه الألباني. 4. إكمال الصف الأول ثم الذي يليه لما جاء في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، فإن كان نقصاً فليكن في الصف المؤخر)). رواه الإمام أحمد وغيره، وهو حديث صحيح.صححه الألباني وغيره. ولا يجوز الاصطفاف في الصف الثاني وفي الأول خلة تتسع لإنسان؛ لما سبق من الأحاديث. ومن التنبيهات في هذا الموضوع: لا يصح الإصطفاف بين السواري ( الأعمدة) لأنها تقطع الصفوف؛ ولأنها موضع صلاة إخواننا من الجن؛ كما جاء ذلك في الحديث.. وقد ورد عن أنس بن مالك أنه قال -في الصلاة بين السواري-: (كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها، وقال: (لا تصلوا بين الأساطين وأتموا الصفوف). قال القرطبي: روي أن سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين. ولكن يجوز الصلاة بين السواري عند الضيق وعدم سعة المسجد للمصلين، يقول ابن العربي: ( ولا خلاف في جوازه عند الضيق، وأما عند السعة فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به، وقد صلى -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة بين سواريها ). هذا ما أردت أن أذكر به إخواني الكرام، وأشكركم على حسن المتابعة -، والجزاء من عند الله. |
|
|