belkacem-1017
05-14-2017, 11:10 AM
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]
تفسير: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت )
♦ الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (243).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ ديارهم﴾ ألم تعلم ألم ينته علمك إلى هؤلاء وهم قومٌ من بني إسرائيل خرجوا من بلدتهم هاربين من الطاعون حتى نزلوا واديا فأماتهم الله جميعًا فذلك قوله: ﴿حذر الموت﴾ أَيْ: لحذر الْمَوْتِ ﴿فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم عقوبةً لهم ثمَّ بعثهم ليستوفوا بقيَّة آجالهم ﴿إنَّ الله لذو فضل على الناس﴾ أَيْ: تفضُّلٍ عليهم بأَنْ أحياهم بعد موتهم.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ﴾، قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: كَانَتْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا دَاوَرْدَانُ قِبَلَ وَاسِطَ، وقع بها الطَّاعُونُ فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهَا وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ فَهَلَكَ أَكْثَرُ مَنْ بَقِيَ فِي الْقَرْيَةِ، وَسَلِمَ الَّذِينَ خَرَجُوا منها، فَلَمَّا ارْتَفَعَ الطَّاعُونُ رَجَعُوا سَالِمِينَ، فَقَالَ الَّذِينَ بَقُوا: أَصْحَابُنَا كَانُوا أَحْزَمَ مِنَّا لَوْ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعُوا لَبَقِينَا وَلَئِنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ ثَانِيَةً لَنَخْرُجَنَّ إِلَى أَرْضٍ لَا وباء بها، فوقع الطاعون عليهم مِنْ قَابَلٍ فَهَرَبَ عَامَّةُ أَهْلِهَا وَخَرَجُوا حَتَّى نَزَلُوا وَادِيًا أَفْيَحَ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْمَكَانَ الَّذِي يَبْتَغُونَ فِيهِ النَّجَاةَ نَادَاهُمْ مَلِكٌ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي وَآخَرُ مِنْ أَعْلَاهُ: أَنْ مُوتُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا جَاءَ سَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ»، فَرَجَعَ عُمْرُ مِنْ سَرْغَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ وَالضَّحَّاكُ: إِنَّمَا فَرُّوا مِنَ الْجِهَادِ وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمْ فَعَسْكَرُوا ثُمَّ جَبَنُوا وَكَرِهُوا الْمَوْتَ فَاعْتَلَوْا وَقَالُوا لِمَلِكِهِمْ: إِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي نأتيها بِهَا الْوَبَاءُ فَلَا نَأْتِيهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ مِنْهَا الْوَبَاءُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عليهم الموت في مكانهم، فَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ، فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ يَعْقُوبَ وَإِلَهَ موسى وهرون قد ترى مَعْصِيَةَ عِبَادِكَ فَأَرِهِمْ آيَةً فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْفِرَارَ مِنْكَ، فَلَمَّا خَرَجُوا ليتقوا الهلاك قَالَ لَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: مُوتُوا عقوبة لهم فماتوا وَمَاتَتْ دَوَابُّهُمْ كَمَوْتِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فما أتى عَلَيْهِمْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ حَتَّى انْتَفَخُوا وَأَرْوَحَتْ أَجْسَادُهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فَعَجَزُوا عَنْ دَفْنِهِمْ، فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حظيرة دون السباع وتركوهم، وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ عَدَدِهِمْ، قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: كَانُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَقَالَ وَهْبٌ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، وَقَالَ أبو رواق: عَشَرَةُ آلَافٍ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: سَبْعُونَ أَلْفًا، وَأَوْلَى الْأَقَاوِيلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانُوا زِيَادَةً عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ وَهُمْ أُلُوفٌ ﴾ وَالْأُلُوفُ جَمْعُ الْكَثِيرِ، وَجَمْعُهُ الْقَلِيلُ آلَافٌ، وَلَا يُقَالُ لِمَا دُونَ عَشَرَةِ آلَافٍ أُلُوفٌ، قَالُوا: فَأَتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَقَدْ بَلِيَتْ أَجْسَادُهُمْ وَعَرِيَتْ عِظَامُهُمْ، فَمَرَّ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ يُقَالُ لَهُ: حِزْقِيلُ بْنُ بودا، ثَالِثُ خُلَفَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَيِّمَ بِأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كان بعد موسى عليه السلام يُوشَعَ بْنَ نُونٍ ثُمَّ كَالِبَ بن يوقنا ثم حزقيل، كان يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَجُوزِ لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ عَجُوزًا فَسَأَلَتِ اللَّهَ تعالى الْوَلَدَ بَعْدَ مَا كَبِرَتْ وَعَقِمَتْ فَوَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا، قَالَ الْحَسَنُ وَمُقَاتِلٌ: هُوَ ذُو الْكِفْلِ، وَسُمِّيَ حِزْقِيلُ ذَا الْكِفْلِ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِسَبْعِينَ نَبِيًّا وَأَنْجَاهُمْ مِنَ الْقَتْلِ، فَلَمَّا مَرَّ حِزْقِيلُ عَلَى أُولَئِكَ الْمَوْتَى، وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ فِيهِمْ مُتَعَجِّبًا، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ تعالى، وَقِيلَ: دَعَا حِزْقِيلُ رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُمْ فَأَحْيَاهُمْ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هُمْ كَانُوا قَوْمُ حِزْقِيلَ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ خَرَجَ حِزْقِيلُ فِي طَلَبِهِمْ، فَوَجَدَهُمْ مَوْتَى فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ كُنْتُ فِي قَوْمٍ يَحْمَدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ وَيُقَدِّسُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ فَبَقِيتُ وَحِيدًا لَا قَوْمَ لِي، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي جَعَلْتُ حَيَاتَهُمْ إِلَيْكَ، قَالَ حِزْقِيلُ: احْيَوْا بِإِذْنِ اللَّهِ، فقاموا، قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهُمْ قَالُوا حِينَ أُحْيَوْا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَعَاشُوا دَهْرًا طَوِيلًا وَسَحْنَةُ الْمَوْتِ عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يلبسون ثوبا إلا عاد دنسا مِثْلَ الْكَفَنِ حَتَّى مَاتُوا لِآجَالِهِمُ الَّتِي كُتِبَتْ لَهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَإِنَّهَا لَتُوجَدُ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ السِّبْطِ مِنَ الْيَهُودِ تِلْكَ الرِّيحُ، قَالَ قَتَادَةُ: مَقَتَهُمُ اللَّهُ عَلَى فِرَارِهِمْ مِنَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمْ عُقُوبَةً لَهُمْ، ثمّ بعثوا ليستوفوا بقية آجالهم، ولو ماتوا بآجالهم مَا بُعِثُوا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ، أَيْ: أَلَمْ تَعْلَمْ بِإِعْلَامِي إِيَّاكَ، وَهُوَ مِنْ رُؤْيَةِ القلب، وقال أَهْلُ الْمَعَانِي: هُوَ تَعْجِيبٌ، يَقُولُ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَهُمْ كَمَا تَقُولُ أَلَمْ تَرَ إِلَى مَا يَصْنَعُ فُلَانٌ، وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ ألم تر ولم يعانيه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا وجهه، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَهُمْ أُلُوفٌ، جَمْعُ أَلْفٍ، وَقِيلَ: مُؤْتَلِفَةٌ قُلُوبُهُمْ جَمْعُ آلِفٍ، مِثْلُ قَاعِدٍ وَقَعُودٍ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْعَدَدُ، حَذَرَ الْمَوْتِ، أَيْ: خَوْفَ الْمَوْتِ، فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا، أَمْرُ تَحْوِيلٍ كقوله تعالى: ﴿ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 65]، ثُمَّ أَحْياهُمْ، بَعْدَ مَوْتِهِمْ، إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ، قِيلَ: هو على العموم في حَقِّ الْكَافَّةِ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: عَلَى الْخُصُوصِ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ، ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾، أمّا الكفار فلا يشكرون، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَلَمْ يَبْلُغُوا غَايَةَ
الشكر.
المصدر / الالوكه
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]
تفسير: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت )
♦ الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: سورة البقرة (243).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ ديارهم﴾ ألم تعلم ألم ينته علمك إلى هؤلاء وهم قومٌ من بني إسرائيل خرجوا من بلدتهم هاربين من الطاعون حتى نزلوا واديا فأماتهم الله جميعًا فذلك قوله: ﴿حذر الموت﴾ أَيْ: لحذر الْمَوْتِ ﴿فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ﴾ مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم عقوبةً لهم ثمَّ بعثهم ليستوفوا بقيَّة آجالهم ﴿إنَّ الله لذو فضل على الناس﴾ أَيْ: تفضُّلٍ عليهم بأَنْ أحياهم بعد موتهم.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ ﴾، قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: كَانَتْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا دَاوَرْدَانُ قِبَلَ وَاسِطَ، وقع بها الطَّاعُونُ فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ مِنْهَا وَبَقِيَتْ طَائِفَةٌ فَهَلَكَ أَكْثَرُ مَنْ بَقِيَ فِي الْقَرْيَةِ، وَسَلِمَ الَّذِينَ خَرَجُوا منها، فَلَمَّا ارْتَفَعَ الطَّاعُونُ رَجَعُوا سَالِمِينَ، فَقَالَ الَّذِينَ بَقُوا: أَصْحَابُنَا كَانُوا أَحْزَمَ مِنَّا لَوْ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعُوا لَبَقِينَا وَلَئِنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ ثَانِيَةً لَنَخْرُجَنَّ إِلَى أَرْضٍ لَا وباء بها، فوقع الطاعون عليهم مِنْ قَابَلٍ فَهَرَبَ عَامَّةُ أَهْلِهَا وَخَرَجُوا حَتَّى نَزَلُوا وَادِيًا أَفْيَحَ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْمَكَانَ الَّذِي يَبْتَغُونَ فِيهِ النَّجَاةَ نَادَاهُمْ مَلِكٌ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي وَآخَرُ مِنْ أَعْلَاهُ: أَنْ مُوتُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَلَمَّا جَاءَ سَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ»، فَرَجَعَ عُمْرُ مِنْ سَرْغَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ وَالضَّحَّاكُ: إِنَّمَا فَرُّوا مِنَ الْجِهَادِ وَذَلِكَ أَنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى قِتَالِ عَدُوِّهِمْ فَعَسْكَرُوا ثُمَّ جَبَنُوا وَكَرِهُوا الْمَوْتَ فَاعْتَلَوْا وَقَالُوا لِمَلِكِهِمْ: إِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي نأتيها بِهَا الْوَبَاءُ فَلَا نَأْتِيهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ مِنْهَا الْوَبَاءُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عليهم الموت في مكانهم، فَخَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ، فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ يَعْقُوبَ وَإِلَهَ موسى وهرون قد ترى مَعْصِيَةَ عِبَادِكَ فَأَرِهِمْ آيَةً فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْفِرَارَ مِنْكَ، فَلَمَّا خَرَجُوا ليتقوا الهلاك قَالَ لَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: مُوتُوا عقوبة لهم فماتوا وَمَاتَتْ دَوَابُّهُمْ كَمَوْتِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فما أتى عَلَيْهِمْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ حَتَّى انْتَفَخُوا وَأَرْوَحَتْ أَجْسَادُهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فَعَجَزُوا عَنْ دَفْنِهِمْ، فَحَظَرُوا عَلَيْهِمْ حظيرة دون السباع وتركوهم، وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ عَدَدِهِمْ، قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: كَانُوا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، وَقَالَ وَهْبٌ: أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، وَقَالَ أبو رواق: عَشَرَةُ آلَافٍ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَرْبَعُونَ أَلْفًا، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: سَبْعُونَ أَلْفًا، وَأَوْلَى الْأَقَاوِيلِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانُوا زِيَادَةً عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿ وَهُمْ أُلُوفٌ ﴾ وَالْأُلُوفُ جَمْعُ الْكَثِيرِ، وَجَمْعُهُ الْقَلِيلُ آلَافٌ، وَلَا يُقَالُ لِمَا دُونَ عَشَرَةِ آلَافٍ أُلُوفٌ، قَالُوا: فَأَتَتْ عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَقَدْ بَلِيَتْ أَجْسَادُهُمْ وَعَرِيَتْ عِظَامُهُمْ، فَمَرَّ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ يُقَالُ لَهُ: حِزْقِيلُ بْنُ بودا، ثَالِثُ خُلَفَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَيِّمَ بِأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كان بعد موسى عليه السلام يُوشَعَ بْنَ نُونٍ ثُمَّ كَالِبَ بن يوقنا ثم حزقيل، كان يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَجُوزِ لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ عَجُوزًا فَسَأَلَتِ اللَّهَ تعالى الْوَلَدَ بَعْدَ مَا كَبِرَتْ وَعَقِمَتْ فَوَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا، قَالَ الْحَسَنُ وَمُقَاتِلٌ: هُوَ ذُو الْكِفْلِ، وَسُمِّيَ حِزْقِيلُ ذَا الْكِفْلِ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِسَبْعِينَ نَبِيًّا وَأَنْجَاهُمْ مِنَ الْقَتْلِ، فَلَمَّا مَرَّ حِزْقِيلُ عَلَى أُولَئِكَ الْمَوْتَى، وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَتَفَكَّرُ فِيهِمْ مُتَعَجِّبًا، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَحْيَاهُمُ اللَّهُ تعالى، وَقِيلَ: دَعَا حِزْقِيلُ رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُمْ فَأَحْيَاهُمْ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هُمْ كَانُوا قَوْمُ حِزْقِيلَ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَصَابَهُمْ ذَلِكَ خَرَجَ حِزْقِيلُ فِي طَلَبِهِمْ، فَوَجَدَهُمْ مَوْتَى فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ كُنْتُ فِي قَوْمٍ يَحْمَدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ وَيُقَدِّسُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ فَبَقِيتُ وَحِيدًا لَا قَوْمَ لِي، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي جَعَلْتُ حَيَاتَهُمْ إِلَيْكَ، قَالَ حِزْقِيلُ: احْيَوْا بِإِذْنِ اللَّهِ، فقاموا، قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّهُمْ قَالُوا حِينَ أُحْيَوْا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَعَاشُوا دَهْرًا طَوِيلًا وَسَحْنَةُ الْمَوْتِ عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يلبسون ثوبا إلا عاد دنسا مِثْلَ الْكَفَنِ حَتَّى مَاتُوا لِآجَالِهِمُ الَّتِي كُتِبَتْ لَهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَإِنَّهَا لَتُوجَدُ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ السِّبْطِ مِنَ الْيَهُودِ تِلْكَ الرِّيحُ، قَالَ قَتَادَةُ: مَقَتَهُمُ اللَّهُ عَلَى فِرَارِهِمْ مِنَ الْمَوْتِ فَأَمَاتَهُمْ عُقُوبَةً لَهُمْ، ثمّ بعثوا ليستوفوا بقية آجالهم، ولو ماتوا بآجالهم مَا بُعِثُوا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ، أَيْ: أَلَمْ تَعْلَمْ بِإِعْلَامِي إِيَّاكَ، وَهُوَ مِنْ رُؤْيَةِ القلب، وقال أَهْلُ الْمَعَانِي: هُوَ تَعْجِيبٌ، يَقُولُ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَهُمْ كَمَا تَقُولُ أَلَمْ تَرَ إِلَى مَا يَصْنَعُ فُلَانٌ، وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ ألم تر ولم يعانيه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا وجهه، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ، وَهُمْ أُلُوفٌ، جَمْعُ أَلْفٍ، وَقِيلَ: مُؤْتَلِفَةٌ قُلُوبُهُمْ جَمْعُ آلِفٍ، مِثْلُ قَاعِدٍ وَقَعُودٍ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْعَدَدُ، حَذَرَ الْمَوْتِ، أَيْ: خَوْفَ الْمَوْتِ، فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا، أَمْرُ تَحْوِيلٍ كقوله تعالى: ﴿ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 65]، ثُمَّ أَحْياهُمْ، بَعْدَ مَوْتِهِمْ، إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ، قِيلَ: هو على العموم في حَقِّ الْكَافَّةِ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: عَلَى الْخُصُوصِ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ، ﴿ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾، أمّا الكفار فلا يشكرون، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَلَمْ يَبْلُغُوا غَايَةَ
الشكر.
المصدر / الالوكه
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]