المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذريعة إلى وجوب تطبيق الشريعة -3-


belkacem-1017
04-07-2017, 06:08 PM
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]








هل على المنتهب وجاحد العارية والمختلس القطع؟

اختلف العلماء في قطع يد المختلس والمنتهب، فمن رأى عدم القطع أرجح ممن رأى القطع؛ استنادًا إلى الحديث الصحيح بشواهده عند أبي داود: ((ليس على خائن ولا مختلس ولا منتهب قطع)).

وكذا الاختلاف واقع في جاحد العارية والوديعة، وهو من أودعت عنده وديعة، أو طلب مالاً، ثم جحد أخذه، والجمهور من العلماء - ومنهم الحنفية والشافعية والمالكية - على أنه ليس عليه قطع؛ إذ إن المودع فرط في وضعه وديعته عند غير مؤتمن، وردوا على من قال بالقطع محتجًّا بحديث المخزومية: أنه ورد في بعض روايات الحديث، وجاء التصريح في الصحيحين، بذكر السرقة، وجاء عند الحاكم وابن ماجه من حديث ابن مسعود: "أنها سرقت قطيفة من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"؛ انتهى بتصرُّف من شرح السبل السوية للشيخ زيد المدخلي - حفظه الله -، (كتاب الحدود، باب السرقة ج6/صـ85).

قال ابن القيم - رحمه الله -: "وأما قطع يد السارق في ثلاثة دراهم، وترك قطع يد المختلس والمنتهب والغاصب، فمن تمام حكمة الشارع؛ فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه، فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القُفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك، فلو لم يشرع قطعه لسرق الناس بعضهم بعضًا، وعظم الضرر، واشتدت المحنة بالسراق، بخلاف المنتهب والمختلس؛ فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلصوا حق المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه وغيره، فلا يخلو من نوع تفريط يمكن به المختلس من اختلاسه، وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ يمكنه الاختلاس فليس كالسارق، بل هو بالخائن أشبه" ا. هـ من إعلام الموقعين.

حكم المحاربين (البلطجية):

لم يترك الشرع الحنيف شاردة ولا واردة ولا صغيرة ولا كبيرة من الخير إلا جلبها، ولا مثقال ذرة من الشر إلا دفعها بأحسن بيان وأوضح تبيان، ومن المسائل القديمة الحديثة: قطَّاع الطرق، أو ما يسمون بـ: البلطجية، وتختلف مسمياتهم، إلا أنهم في حكم الشرع محاربون قاطعو طريق بالسلاح على المسلمين، ونزلت فيهم الآية الشافية الكافية: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) [المائدة: 33]، وهم على أحوال:

1- فمن قتل وأخذ المال جمع له في العقوبة، فجمع له في الحد بين القتل والصلب.

2- من قتل منهم ولم يسرق المال، قُتل فقط.

3- ومن أخذ المال معتديًا بالسلاح، مرهبًا الناس، قُطعت يده ورجله من خلاف.

4- من قطع السبيل وأخاف الناس ولم يقتل أو يسرق، ينفى من الأرض حتى يتحقق منه التوبة النصوح.

وهذا أحد القولين، والقول الثاني: يخير ولي الأمر في العقوبات بقدر ما يرى وما يصلح، فإن شاء خير بين القتل، أو الصلب، وقطع الأرجل، والنفي.

وباب التوبة مفتوح بعدُ، اللهم تُبْ على عصاة المسلمين.

خاتمة:

مما سبق تبين لك أخي - نفعك الله بما قرأت وما علمت - أن السرقة لا يقوم حدها بقطع يد السارق إلا بشروط شديدة، تدل على عظيم رحمة ربنا في شرعته المطهرة المنزلة من لدن حكيم حميد عليم بخلقه ومصالحهم في الدنيا والآخرة، وكذلك القطع ليس لآحاد الناس، وإنما وليُّ الأمر المسلم هو الذي يتولى إقامة الحدود، حتى لا تكون فتنة وفوضى؛ وذلك بعد أن تثبت الشروط الموجبة لإقامة الحد، وتنتفي الموانع التي يسقط بها حد القطع على السارق، وإنك لو نظرت في حال دعاة شريعة الغرب، بل حال صانعيها، ليهولنك ما لا يخفى على ذي لب، وما هم فيه من كثرة السرقات، وانتهاك الأعراض، واستباحة المحرمات والفواحش، فتجد في بلادهم عدم الأمن على النفس، بل صار المجرم آمنًا مستأمنًا، والضحية هو المغلوب المستوحش، فلا تغتر بكثرة الهالكين المنابذين لشريعة رب العالمين، ولا يوحشنك قلة السالكين على طريق الحق والهدى والدين، ولقد أحببت أن أذكرك بكلام نفيس لابن القيم يصف فيه ما نحن فيه اليوم؛ قال - رحمه الله - وغفر له: "لما أعرض الناس عن "تحكيم الكتاب والسنة" والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ، عرض لهم من ذلك فساد في فِطرهم، وظلمة في قلوبهم، وكدر في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمتهم هذه الأمور، وغلبت عليهم حتى ربي فيها الصغير، وهرم عليها الكبير، فلم يرَوها منكَرًا، فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن، والنفس مقام العقل، والهوى مقام الرشد، والضلال مقام الهدى، والمنكَر مقام المعروف، والجهل مقام العلم، والرياء مقام الإخلاص، والباطل مقام الحق، والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة، والظلم مقام العدل، فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور، وأهلها هم المشار إليهم، وكانت قبل ذلك لأضدادها، وكان أهلها هم المشار إليهم، فإذا رأيت دولة هذه الأمور أقبلت، وراياتها قد نصبت، وجيوشها قد ركبت - فبطنُ الأرض خير من ظهرها، وقلل الجبال خير من سهولها، ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الإنسان، اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات، وقلَّت الخيرات، وهزلت الوجوه، وتكدرت الحياة من فِسق الظلمة، وبكي ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون والمعقِّبات إلى ربهم من كثرة الفواحش، وغلبة المنكَرات والقبائح، وهذا والله منذِرٌ بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذِنٌ بليل بلاء قد ادلَهَمَّ ظلامه، فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة، وبابها مفتوحٌ، وكأنكم بالباب وقد أغلق، وبالرهن وقد غلق، وبالجناح وقد علق: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)[الشعراء: 227].

فاشتر نفسك اليوم؛ فإن السوق قائمة، والثمن موجود، والبضائع رخيصة، وسيأتي على تلك السوق والبضائعِ يومٌ لا تصل فيه إلى قليل ولا كثير، وذلك يوم التغابن)؛ انتهى كلامه - رحمه الله -، فهل من عودة إلى كتاب الله وشرعته؟!

وأخيرًا: أسأل الله بمنه وفضله أن يرد المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلاً.


[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]