belkacem-1017
03-16-2017, 05:13 PM
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]
إنما ذلكم الشيطان
عن أبي ثعلبة الُخشنيّ – رضي الله عنه – قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
((إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان!))
فلم ينزلوا بعد ذلك منزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض".
لقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- دائماً على وحدة أمته الإسلامية، ودعاهم في كل موطن إلى الاتحاد والاعتصام بحبل الله سبحانه عملاً بقوله تعالى:
(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وأمرهم بالتضامن والترابط والتعاضد حتى صار مبدأ وحدة المسلمين من أهم المبادئ الإسلامية المتفق عليها بين العلماء والعامة.
ولم يزل ذاك النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يحذر أمته من التفرق والاختلاف تحذيراً شديداً في كل موطن وكل حال.
واستغل -صلى الله عليه وسلم- المواقف المختلفة للتأكد على ذلك المعنى بشكل عملي تطبيقي ميداني باهر.
والحديث الذي بين أيدينا هو أحد تلك النماذج النبوية المباركة الفريدة، التي يحرص فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- على تتبع سلوكيات أصحابه، وتقويم الاعوجاج، وسد الخلل، وإسداء النصح وبيان الهداية.
وبينما هو في سفر مع أصحابه -رضوان الله عليهم-، وأرادوا الراحة من عناء السفر ومشقته؛ إذ رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القافلة حين تستريح يتفرق أناسها كل في مكان بعيداً عن الآخر، ولكأنما النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يصور لنا مسيرة أمته ومشقة طريقها ودعوته، وانه بينما هو يقودها يحبهم أن يكونوا جميعاً غير متفرقين، ولو كان ذلك في لحظات الراحة والسكون، فلم يعجبه تفرق القبيلة ودعاهم إلى التجمع من جديد.
فصار ذلك لأصحابه منهجا وأسلوباً, وسارعوا إلى الاستجابة لندائه، فكأنما الرائي لهم يراهم كتلة واحدة من تقاربها، ويظن أنه لو أراد أن يبسط عليهم ثوباً واحداً لوسعهم غطاء من شدة تقاربهم - رضي الله عنهم أجمعين-.
لقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن التفرق ولو كان في موقف عابر هو تسويل الشيطان ووسوسته، فإن الشيطان يفزع من المسلمين إذا اجتمعوا، ويكره أن يتفقوا ويتقاربوا، فإذا به يحرش بينهم ليتنازعوا، ويتفرقوا ويتباعدوا.
وإذا به -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: ((إنما ذلكم من الشيطان)) فهو الذي دعاكم للبعد والوحدة، فالذئب يأكل كل قاصية من الشياة، والشياطين تتفرد بالبعيدين عن الجماعة.
إنها مبادئ وقيم أصيلة في التصور الإسلامي للسلوك والعمل بين المسلمين، يريدها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تتجذر وتترسخ فيهم، ليكن شعورهم إنما هو رغبة زائدة في التقارب، وليكن سلوكهم هو تعاضد وتوحد، وليكن عدوهم في ذلك هو الشيطان وكل داعية لفرقة أو تشرذم.. لذلك نرى العلماء لما أدركوا ذلك المعنى يستخرجون الأحكام الثابتات من قواعدها الكلية ويبينون ذلك في أمثال تلك المواقف، فيخرجون بحكم الاستحباب للرفعة في السفر أن ينزلوا مجتمعين وبحكم الكراهة لنزولهم متفرقين إذا لم تكن هناك حاجة تدعوهم إلى شيء من ذلك.
لا شك أن الموقف الذي مر بهم أثناء السفر هو موقف مناسب للغاية لبث هذه التعاليم وتلك التوجيهات، فإنهم إذن لن ينسوها بعد اليوم، إنه موقف تطبيقي عملي أثناء حركة الجماعة المؤمنة، وليس مجرد نصيحة نظرية بعيدة عن التطبيق.. لذا فهو ههنا -صلى الله عليه وسلم- ينبه أصحابه إلى تلافي خلل الفهم الذي يمكن أن يتطرق إلى بعضهم من أمره بالتقارب بينهم - حتى دفعهم ذلك لشدة التقارب والتضييق في المجلس- أن هذا الاجتماع إنما هو اجتماع بلا تضييق، ونهى أن يأخذ قوم في مجلسهم أو منامهم أكثر من حاجاتهم فيضيقون على إخوانهم، أو ربما ضيقوا طريق المسير للآخرين.
فإنما المقصود ههنا تقارب بلا تضييق، لذلك نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه معاذ بن أنس عن أبيه قال: غزوت مع نبي الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة كذا وكذا، فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله -صلى الله عليه وسلم- منادياً ينادي في الناس: ((أن من ضيق منزلاً أو قطع طريقاً فلا جهاد له) يعني لا ينال كامل مرتبة الجهاد، فإن ذلك يحق له ألا جهاد له، لأنه جاهد من أجل أن يحصل خيراً لكنه أضعف من أجره بحيث آذى غيره بذلك. إنها رؤية نبوية حضارية من رؤى الإسلام وتوجيهاته المباركات...، فلكم عانت أمتنا الويلات إثر الفرقة التي دبت في أوصالها، ولكم نزفت أمتنا الدماء بعدما باعدتنا الفرقة وحزبتنا الأهواء والتهمتنا ذئاب الإنسانية إقليماً بعد إقليم وصرنا نهباً مقسوماً بينهم، يختلفون في أمرنا أو يتفقون، ونحن – من ضعفنا وتفرقنا – لا حول لنا ولا طول! إن عصرنا الآن هو عصر أحلاف القوة، والتجمعات الدولية، وكل إقليم من أقاليمنا الإسلامية بأمس الحاجة إلى الآخر، يتقوى به ويشد عوده، ويدفع عن نفسه الضرر، فهل لنا أن نجتمع ابتداء في تجمع روحي وقلبي يبني على الإيمان؟! ليكون منطلق موقف عملي تتبوأ فيه أمتنا مكانها وتنال ما يستحقها من علو وشموخ إن الله سبحانه، يقول: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) إن الأمة الإسلامية تقوم الروابط فيها على وحدة الدين والاعتقاد، ووحدة المبادئ والقيم والأخلاق، ووحدة التوجه والعبادات، ووحدة الشعائر والمقدسات.
إن كل فرد من أفرادها متوحد في الآخر أثناء صلاته طوال يومه خمس مرات تجاه قبلة واحدة ومعبود كريم واحد، ويصومون صوماً واحداً، ويحجون بيتاً عتيقاً واحداً في ذات الوقت ونفس الشعائر..، فأي دعوة للوحدة هي أقوى من تلك الدعوة، وأي مسببات هي أرسخ من تلك المسببات؟!
لقد اتحدت أوربا على المنفعة واتحد غيرها على مفاهيم العنصرية الخالصة، وبرغم أن اتحادهم هو اتحاد مسبب ومؤقت ومرتبط بالمنفعة، فإنه لا يزال قائماً، ولا تزال منافعه ظاهرة لهم، فلماذا لا نجتمع نحن على ما لا تنقطع منافعه ولا تزول حسناته أو تنتهي آثاره؟! إن اجتماعنا قائم على الأخوة العامة والمودة الراحمة، حيث لا عصبية جاهلية، ولا عنصرية مقيتة.
إن اللمحة الواقعية التي بصرها النبي -صلى الله عليه وسلم- ببصيرته النوارنية في ذلك الموقف لكأنها تجتاز الزمان والمكان، وتكسر الحدود والفواصل، وتصف دواء الطريق.
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]
إنما ذلكم الشيطان
عن أبي ثعلبة الُخشنيّ – رضي الله عنه – قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
((إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان!))
فلم ينزلوا بعد ذلك منزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض".
لقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- دائماً على وحدة أمته الإسلامية، ودعاهم في كل موطن إلى الاتحاد والاعتصام بحبل الله سبحانه عملاً بقوله تعالى:
(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وأمرهم بالتضامن والترابط والتعاضد حتى صار مبدأ وحدة المسلمين من أهم المبادئ الإسلامية المتفق عليها بين العلماء والعامة.
ولم يزل ذاك النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يحذر أمته من التفرق والاختلاف تحذيراً شديداً في كل موطن وكل حال.
واستغل -صلى الله عليه وسلم- المواقف المختلفة للتأكد على ذلك المعنى بشكل عملي تطبيقي ميداني باهر.
والحديث الذي بين أيدينا هو أحد تلك النماذج النبوية المباركة الفريدة، التي يحرص فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- على تتبع سلوكيات أصحابه، وتقويم الاعوجاج، وسد الخلل، وإسداء النصح وبيان الهداية.
وبينما هو في سفر مع أصحابه -رضوان الله عليهم-، وأرادوا الراحة من عناء السفر ومشقته؛ إذ رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القافلة حين تستريح يتفرق أناسها كل في مكان بعيداً عن الآخر، ولكأنما النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- يصور لنا مسيرة أمته ومشقة طريقها ودعوته، وانه بينما هو يقودها يحبهم أن يكونوا جميعاً غير متفرقين، ولو كان ذلك في لحظات الراحة والسكون، فلم يعجبه تفرق القبيلة ودعاهم إلى التجمع من جديد.
فصار ذلك لأصحابه منهجا وأسلوباً, وسارعوا إلى الاستجابة لندائه، فكأنما الرائي لهم يراهم كتلة واحدة من تقاربها، ويظن أنه لو أراد أن يبسط عليهم ثوباً واحداً لوسعهم غطاء من شدة تقاربهم - رضي الله عنهم أجمعين-.
لقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن التفرق ولو كان في موقف عابر هو تسويل الشيطان ووسوسته، فإن الشيطان يفزع من المسلمين إذا اجتمعوا، ويكره أن يتفقوا ويتقاربوا، فإذا به يحرش بينهم ليتنازعوا، ويتفرقوا ويتباعدوا.
وإذا به -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: ((إنما ذلكم من الشيطان)) فهو الذي دعاكم للبعد والوحدة، فالذئب يأكل كل قاصية من الشياة، والشياطين تتفرد بالبعيدين عن الجماعة.
إنها مبادئ وقيم أصيلة في التصور الإسلامي للسلوك والعمل بين المسلمين، يريدها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تتجذر وتترسخ فيهم، ليكن شعورهم إنما هو رغبة زائدة في التقارب، وليكن سلوكهم هو تعاضد وتوحد، وليكن عدوهم في ذلك هو الشيطان وكل داعية لفرقة أو تشرذم.. لذلك نرى العلماء لما أدركوا ذلك المعنى يستخرجون الأحكام الثابتات من قواعدها الكلية ويبينون ذلك في أمثال تلك المواقف، فيخرجون بحكم الاستحباب للرفعة في السفر أن ينزلوا مجتمعين وبحكم الكراهة لنزولهم متفرقين إذا لم تكن هناك حاجة تدعوهم إلى شيء من ذلك.
لا شك أن الموقف الذي مر بهم أثناء السفر هو موقف مناسب للغاية لبث هذه التعاليم وتلك التوجيهات، فإنهم إذن لن ينسوها بعد اليوم، إنه موقف تطبيقي عملي أثناء حركة الجماعة المؤمنة، وليس مجرد نصيحة نظرية بعيدة عن التطبيق.. لذا فهو ههنا -صلى الله عليه وسلم- ينبه أصحابه إلى تلافي خلل الفهم الذي يمكن أن يتطرق إلى بعضهم من أمره بالتقارب بينهم - حتى دفعهم ذلك لشدة التقارب والتضييق في المجلس- أن هذا الاجتماع إنما هو اجتماع بلا تضييق، ونهى أن يأخذ قوم في مجلسهم أو منامهم أكثر من حاجاتهم فيضيقون على إخوانهم، أو ربما ضيقوا طريق المسير للآخرين.
فإنما المقصود ههنا تقارب بلا تضييق، لذلك نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه معاذ بن أنس عن أبيه قال: غزوت مع نبي الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة كذا وكذا، فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبي الله -صلى الله عليه وسلم- منادياً ينادي في الناس: ((أن من ضيق منزلاً أو قطع طريقاً فلا جهاد له) يعني لا ينال كامل مرتبة الجهاد، فإن ذلك يحق له ألا جهاد له، لأنه جاهد من أجل أن يحصل خيراً لكنه أضعف من أجره بحيث آذى غيره بذلك. إنها رؤية نبوية حضارية من رؤى الإسلام وتوجيهاته المباركات...، فلكم عانت أمتنا الويلات إثر الفرقة التي دبت في أوصالها، ولكم نزفت أمتنا الدماء بعدما باعدتنا الفرقة وحزبتنا الأهواء والتهمتنا ذئاب الإنسانية إقليماً بعد إقليم وصرنا نهباً مقسوماً بينهم، يختلفون في أمرنا أو يتفقون، ونحن – من ضعفنا وتفرقنا – لا حول لنا ولا طول! إن عصرنا الآن هو عصر أحلاف القوة، والتجمعات الدولية، وكل إقليم من أقاليمنا الإسلامية بأمس الحاجة إلى الآخر، يتقوى به ويشد عوده، ويدفع عن نفسه الضرر، فهل لنا أن نجتمع ابتداء في تجمع روحي وقلبي يبني على الإيمان؟! ليكون منطلق موقف عملي تتبوأ فيه أمتنا مكانها وتنال ما يستحقها من علو وشموخ إن الله سبحانه، يقول: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) إن الأمة الإسلامية تقوم الروابط فيها على وحدة الدين والاعتقاد، ووحدة المبادئ والقيم والأخلاق، ووحدة التوجه والعبادات، ووحدة الشعائر والمقدسات.
إن كل فرد من أفرادها متوحد في الآخر أثناء صلاته طوال يومه خمس مرات تجاه قبلة واحدة ومعبود كريم واحد، ويصومون صوماً واحداً، ويحجون بيتاً عتيقاً واحداً في ذات الوقت ونفس الشعائر..، فأي دعوة للوحدة هي أقوى من تلك الدعوة، وأي مسببات هي أرسخ من تلك المسببات؟!
لقد اتحدت أوربا على المنفعة واتحد غيرها على مفاهيم العنصرية الخالصة، وبرغم أن اتحادهم هو اتحاد مسبب ومؤقت ومرتبط بالمنفعة، فإنه لا يزال قائماً، ولا تزال منافعه ظاهرة لهم، فلماذا لا نجتمع نحن على ما لا تنقطع منافعه ولا تزول حسناته أو تنتهي آثاره؟! إن اجتماعنا قائم على الأخوة العامة والمودة الراحمة، حيث لا عصبية جاهلية، ولا عنصرية مقيتة.
إن اللمحة الواقعية التي بصرها النبي -صلى الله عليه وسلم- ببصيرته النوارنية في ذلك الموقف لكأنها تجتاز الزمان والمكان، وتكسر الحدود والفواصل، وتصف دواء الطريق.
[اخي العزيز ،، يتوجب عليك اضافة رد لرؤية المحتوى]